الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية انقسامات وشقوق قد تعصف بحركة النهضة: الفصل بين الدعوي والسياسي.. وصلاحيات «الشيخ» يعمقان الخلافات قبل الـمؤتمر

نشر في  24 فيفري 2016  (10:13)

لئن حافظت حركة النهضة ـ وعلى خلاف بقية الأحزاب السياسية ـ  على سريّة مطبخها الداخلي طيلة السنوات الفارطة، حيث نادرا ما تخرج خلافاتها للعلن أو تجد طريقها الى وسائل الاعلام، ولعل هذه الاستراتيجية أنقذت النهضة وجعلتها في صورة الحزب المتماسك الذي لا تشوبه شائبة .. فإنّه طفت مؤخرا على السطح صراعات وخلافات داخل حركة النهضة وهو ما يفسر تأجيل مؤتمرها العاشر مرة أخرى، حيث يدور حديث في كواليس مقر مونبليزير، حول خلافات بين تيارين داخل الحركة، خلافات تتمحور حول النظرة المستقبلية للحزب وتطوير ذاته..
ولئن أكدت حركة النهضة في بيان لها أنّ تأخير عقد المؤتمر العاشر يرجع إلى الرغبة في تحقيق مزيد من الإحكام لعمليّة إعداد لوائح المؤتمر، فإنّ ما يتم ترويجه عكس ذلك تماما حيث كثر الحديث عن خلافات وانقسامات تكاد تعصف بالحزب، وأن أسباب التأخير لا علاقة له بالأمور اللوجستية بل أعمق من ذلك بكثير .

وحسب ما يشاع ويتردد فان الانقسامات داخل النهضة منحصرة بين شقين، شقّ تيار المهجر أو ما يعبر عنه بالحمائم والذي يضم الجماعة التي خيّرت العيش خارج حدود الوطن وعلى رأسهم راشد الغنوشي، وشق ثان وهو شقّ السجون أو الصقور وهو الشق المتشدّد والذي يضم القيادات التي قضت سنوات طويلة وراء القضبان وعلى رأسهم عبد الحميد الجلاصي.. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا فان الشقّ الأول هو الذي يدعو الى ضرورة الفصل بين النشاط الدعوي والنشاط السياسي، وما فتئ يؤكد مدنية الحركة، في حين يرى الشق الثاني عكس ذلك، ويؤكد أن خروج الحركة عن نشاطها الدعوي الذي ارتكزت عليه منذ تأسيسها قد يفقدها شعبيتها ويقلب عليها قواعدها.

صلاحيات رئيس الحركة والحدّ منها

وللمتمعن جيدا في الخلافات داخل الحزب الثاني في البلاد يرى أن الخلاف حول المرجعية الدينية هي التي قد تتسبب في انقسام الحركة، لتطالها عدوى الشقوق التي سبق أن عصفت بحزب نداء تونس وجزأته، فتيار الغنوشي يرى أنه لا بد من التخلص من المرجعية الدينية وتبني مدنية الحزب، في حين يؤكد التيار الثاني على ضرورة التمسك بمرجعية طالما رافقت الحركة منذ تأسيسها، وينتظر الجميع وخاصة خصوم الحركة أن تؤكد توجهها وتمشيها الجديد خلال مؤتمرها القادم وهو ما يفسر تأجيله في أكثر من مناسبة خوفا من أن تعصف هذه الخلافات الجوهرية بتماسك الحزب إذا لم يتم حسمها قبل المؤتمر العاشر.
من جهة أخرى يؤكد البعض أن راشد الغنوشي وصلاحياته داخل الحزب من بين النقاط الخلافية، فلئن تمكن شيخ النهضة من تجنيب الحركة عديد المشاكل على المستوى السياسي والاجتماعي وذلك بعد تقربه من نداء تونس ورئيسه الباجي قائد السبسي الذي سبق وأمضى معه معاهدة صلح في باريس، فانه اليوم وعلى خلفية هذه المصالحة ومراجعته لأفكاره ورغبته في اعادة هيكلة الحزب عبر فصله بين الجانب الدعوي والسياسي وتقديمه في صورة الحزب المدني السياسي،  يواجه شقا صلبا رافضا لأطروحته وراغبا في تقليص صلاحياته داخل الحزب.
ومن الأمور التي تستعد الحركة لطرحها على طاولة الحوار خلال مؤتمرها العاشر صلاحيات رئيس الحركة، ومن ينتخبه هل هو المؤتمر أم مجلس الشورى، حيث يرى تيار داخل الحركة أن يكون الرئيس منتخبا من قبل القواعد والأنصار في حين يتمسك الطرف الآخر بتزكيته من قبل مجلس الشورى أي من قبل قاعدة انتخابية ضيقة وهو ما قد يحدّ من صلاحياته...
 صراعات عديدة وحديث عن انقسامات وتشقق وعاصفة قد تواجه حزب حافظ على تماسكه طيلة 5 سنوات وقد لا يخرج منها سالما هذه المرة.
أخبار الجمهورية اتصلت ببعض قيادات الحركة خاصة ممن يروج أنهم محل الخلاف على غرار نائب رئيس الحركة عبد الحميد الجلاصى، حيث رأى البعض أنه أعلن الحرب على راشد الغنوشى بعد تصريحاته الاخيرة التى يحرص فيها على الحديث عن تباينات بين قيادات الحركة.

عبد الحميد الجلاصي: لسنا قوالب سكّر في حركة النهضة

وباتصالنا بنائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصى، أكد أنه لم يتم تأجيل المؤتمر كما يروج لذلك وأن الحركة ستعقد مؤتمرها العاشر قبل نهاية الربيع على أن تنطلق بداية من هذا الأسبوع المؤتمرات الجهوية والقطاعية.
وفي تعليقه حول ما يقال عن الخلافات والانقسامات داخل النهضة أكد الجلاصي أن القيادات داخل الحزب ليسوا قوالب سكر متشابهة، حيث من الطبيعي أن تختلف وجهات نظرهم وتقييمهم وقد يختلفون حول بعض المسائل كما يلتقون في البعض الآخر على حدّ تعبيره، موضحا أن القيادات تتفق بنسبة 95 بالمائة في المسائل الجوهرية أي الخيار السياسي للحزب واعتماد التوافق كخيار والايمان بأن الحركة ذات مرجعية اسلامية، أما بقية القضايا التي يحدث فيها الخلاف كادارة الشأن الداخلي والملفات السياسية فتناقش في اطار ما تضمنه الديمقراطية ومصلحة الحزب والبلاد، حسب ما جاء على لسان محدثنا الذي أضاف أن حركة النهضة حركة قوية ومنظمة وتسعى الى المساهمة بشكل فعلي في الانتقال الديمقراطي.
وذكر عبد الحميد الجلاصي أن الحديث عن الشقوق والمعارك داخل حركة النهضة لا أساس له من الصحة لأن الحزب يتبنى شعار النقاش للوصول الى التوافق وحسن ادارته، مبينا أنه ان لم يحصل التوافق فالحسم في المسائل الخلافية يكون ديمقراطيا مع ضمان عدم المساس بوحدة الحركة وبالمشهد السياسي العام.
وأشار نائب رئيس حركة النهضة الى ان البلاد لا تحتاج الى أحزاب متشتتة ومنقسمة، وأن النهضة تسعى لأن تكون نموذجا رغم عدم نفيها للتنوع داخلها واختلاف المقاربات.
وختم بقوله:»المؤتمر هو أعلى سلطة في حركة النهضة ، ومن شأنه أن يعالج ويطرح كل الملفات المختلف حولها ... فقط نقول ان اليوم هناك نقاش للرؤى وهناك قضايا يوجد فيها تباينات في وجهات النظر»..

عبد الفتاح مورو: الخلافات سيحسمها مؤتمر الحركة القادم

من جانبه أكد لنا نائب رئيس مجلس نواب الشعب والقيادي في حركة النهضة عبد الفتاح مورو أن قضية الفصل بين ماهو دعوي وسياسي هو قضية مطروحة داخل الحركة وفيها خلاف بين مختلف القيادات، مضيفا أن المؤتمرات الجهوية بصدد دراسة هذا الاشكال على أن يكون الحسم فيه خلال المؤتمر القادم .
وذكر محدثنا أن الخلافات داخل الحركة أمر طبيعي وليست بالأمر الجديد، وهي موضوع قابل للنقاش في كنف الديمقراطية .
وعن موقفه الشخصي أكد عبد الفتاح مورو أنه مع ضرورة الفصل بين ماهو دعوي وسياسي وهو موقف طالما تبناه تماشيا مع القوانين التونسية التي تحتم الفصل بين ماهو سياسي وديني وتمنع الجمع بين السلطتين .

اعداد: سناء الماجري